المتنبي
مَا لَنَا كُلُّنَا جَوٍ يا رَسُولُ
|
أنَا أهْوَى وَقَلبُكَ المَتْبُولُ
|
كُلّما عادَ مَن بَعَثْتُ إلَيْهَا
|
غَارَ منّي وَخَانَ فِيمَا يَقُولُ
|
أفْسَدَتْ بَيْنَنَا الأمَانَاتِ عَيْنَا
|
هَا وَخَانَتْ قُلُوبَهُنّ العُقُولُ
|
تَشتَكي ما اشتكَيتُ مِن ألمِ الشّوْ
|
قِ إلَيها وَالشّوْقُ حَيثُ النُّحولُ
|
وَإذا خامَرَ الهَوَى قَلبَ صَبٍّ
|
فَعَلَيْهِ لِكُلّ عَينٍ دَلِيلُ
|
زَوِّدينَا من حُسنِ وَجْهِكِ ما دا
|
مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حَالٌ تحُولُ
|
وَصِلِينَا نَصِلْكِ في هَذِهِ الدّنـ
|
ـيَا فإنّ المُقَامَ فيها قَليلُ
|
مَنْ رَآهَا بعَيْنِها شَاقَهُ القُطّـ
|
ـانُ فيهَا كمَا تَشُوقُ الحُمُولُ
|
إنْ تَرَيْني أدِمْتُ بَعْدَ بَيَاضٍ
|
فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُّبُولُ
|
صَحِبَتْني على الفَلاةِ فَتَاةٌ
|
عادَةُ اللّوْنِ عندَها التّبديلُ
|
سَتَرَتْكِ الحِجالُ عَنهَا وَلكِنْ
|
بكِ مِنهَا منَ اللَّمَى تَقبيلُ
|
مِثْلُهَا أنتِ لَوّحَتْني وَأسْقَمْـ
|
ـتِ وَزَادَتْ أبْهاكُما العُطْبُولُ
|
نَحْنُ أدْرَى وَقد سألْنَا بِنَجْدٍ
|
أطَوِيلٌ طَرِيقُنَا أمْ يَطُولُ
|
وَكَثيرٌ مِنَ السّؤالِ اشْتِيَاقٌ
|
وَكَثِيرٌ مِنْ رَدّهِ تَعْليلُ
|
لا أقَمْنَا عَلى مَكانٍ وَإنْ طَا
|
بَ وَلا يُمكِنُ المكانَ الرّحيلُ
|
كُلّمَا رَحّبَتْ بنا الرّوْضُ قُلْنَا
|
حَلَبٌ قَصْدُنَا وَأنْتِ السّبيلُ
|
فِيكِ مَرْعَى جِيادِنَا وَالمَطَايَا
|
وَإلَيْهَا وَجِيفُنَا وَالذّميلُ
|
وَالمُسَمَّوْنَ بالأمِيرِ كَثِيرٌ
|
وَالأمِيرُ الذي بها المَأمُولُ
|
ألّذِي زُلْتُ عَنْهُ شَرْقاً وَغَرْباً
|
وَنَداهُ مُقابِلي مَا يَزُولُ
|
وَمعي أيْنَمَا سَلَكْتُ كَأنّي
|
كُلُّ وَجْهٍ لَهُ بوَجْهي كَفِيلُ
|
وَإذا العَذْلُ في النّدَى زَارَ سَمْعاً
|
فَفَداهُ العَذُولُ وَالمَعْذُولُ
|
وَمَوَالٍ تُحْيِيهِمِ مِنْ يَدَيْهِ
|
نِعَمٌ غَيْرُهُمْ بهَا مَقْتُولُ
|
فَرَسٌ سابِحٌ وَرُمْحٌ طَوِيلٌ
|
وَدِلاصٌ زَغْفٌ وَسَيفٌ صَقيلُ
|
كُلّمَا صَبّحَتْ دِيارَ عَدُوٍّ
|
قالَ تِلكَ الغُيوثُ هذي السّيولُ
|
دَهِمَتْهُ تُطايِرُ الزّرَدَ المُحْـ
|
ـكَمَ عَنْهُ كَمَا يَطيرُ النّسيلُ
|
تَقنِصُ الخَيلَ خَيلُهُ قنَصَ الوَحـ
|
ـشِ وَيَستأسرُ الخَميسَ الرّعيلُ
|
وَإذا الحَرْبُ أعرَضَتْ زَعَمَ الهَوْ
|
لُ لِعَيْنَيْهِ أنّهُ تَهْوِيلُ
|
وَإذا صَحّ فالزّمانُ صَحيحٌ
|
وَإذا اعْتَلّ فالزّمانُ عَليلُ
|
وَإذا غابَ وَجْهُهُ عَنْ مَكانٍ
|
فَبِهِ مِنْ ثَنَاهُ وَجْهٌ جَميلُ
|
لَيسَ إلاّكَ يا عَليُّ هُمَامٌ
|
سَيْفُهُ دونَ عِرْضِهِ مَسْلُولُ
|
كَيفَ لا تأمَنُ العِراقُ وَمِصْرٌ
|
وَسَرَاياكَ دونَهَا وَالخُيُولُ
|
لَوْ تَحَرّفْتَ عَن طَرِيقِ الأعادي
|
رَبَطَ السِّدْرُ خَيلَهُمْ وَالنّخيلُ
|
وَدَرَى مَنْ أعَزّهُ الدّفعُ عَنهُ
|
فيهِمَا أنّهُ الحَقِيرُ الذّليلُ
|
أنتَ طُولَ الحَيَاةِ للرّومِ غازٍ
|
فَمَتى الوَعْدُ أن يكونَ القُفولُ
|
وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ
|
فَعَلَى أيّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ
|
قَعَدَ النّاسُ كُلُّهُمْ عَنْ مَساعيـ
|
ـكَ وَقامتْ بها القَنَا وَالنُّصُولُ
|
ما الذي عِنْدَهُ تُدارُ المَنَايَا
|
كالّذي عِندَهُ تُدارُ الشَّمولُ
|
لَسْتُ أرْضَى بأنْ تكُونَ جَوَاداً
|
وَزَمَاني بأنْ أرَاكَ بَخيلُ
|
نَغّصَ البُعدُ عَنكَ قُرْبَ العَطايا
|
مَرْتَعي مُخصِبٌ وَجِسمي هَزِيلُ
|
إنْ تَبَوّأتُ غَيرَ دُنْيَايَ داراً
|
وَأتَاني نَيْلٌ فَأنْتَ المُنيلُ
|
فمِن عَبيدي إنْ عِشتَ لي ألفُ كافو
|
رٍ وَلي مِن نَداكَ رِيفٌ ونِيلُ
|
مَاأُبالي إذا اتّقَتْكَ اللّيَالي
|
مَنْ دَهَتْهُ حُبُولُها وَالْخُبُولُ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق