لقد أَسمعتَ لو ناديتَ حيّاً
|
ولكن لا حياةَ لمن تُنادي
|
بيت شعر شاع بين الناس، تناقلوه وحفظوه عن ظهر قلب، بعضهم ينسبه لمن استخدمه في خطاب أو مناسبة، وكثيرون ينسبونه لشاعر غير قائله، البعض يعرف اسم قائله، وقلة قليلة تحفظ أبياتا من القصيدة التي ورد فيها، وأبياتا أخرى جرت على ألسنة الناس أمثالا وحكما من دون ان نتذكر القصيدة التي وردت فيها، وفي الشعر العربي هناك ما يسمى عيون ودرر الأبيات التي تناولها أكثر من شاعر في قصائدهم وشاعت بين الناس باسم أشهرهم. تكرر ذكر هذا البيت في قصائد لعدة شعراء اقتبس أحدهم من الآخر فنجد عمرو بن معد كرب 545 – 642 م قد ذكره في قصيدة له فقال :
لا غَدَرَت بنو أعلى قديماً
|
وأَنعُمُ إِنّها وُدُقُ
المَزَادِ
|
ومَن يشرب بماء العَبل
يَغدِر
|
على ما كان من حُمّى وِرادِ
|
وكنتم أَعبُداً أولادَ
غَيلٍ
|
بني آمٍ مَرَنَّ على
السِّفادِ
|
لقد أَسمعتَ لو ناديتَ
حيّاً
|
ولكن لا حياةَ
لمن تُنادي
|
ولو نارٌ نفحتَ بها أضاءت
|
ولكن أنتَ تنفُخُ في
رَمَادِ
|
وجاء ذكر هذا البيت في قصيدة نظمها كثير عزة 660 –
723 م فقال:
لَقَد مُنِعَ الرُقادُ فَبِتُّ
لَيلي
|
تُجافيني الهُمومُ عَنِ الوِسادِ
|
عَداني أَن أَزورَكَ غَيرَ بُغضٍ
|
مُقامُك بَينَ مُصفَحَةٍ شِدادِ
|
وَإِنّي قائِلٌ إِن لَم أَزُرهُ
|
سَقَت دِيَمُ السَواري والغَوادي
|
مَحَلَّ أَخي بَني أَسَدٍ قَنَونا
|
إِلى يَبَةٍ إِلى بَركِ الغِمادِ
|
مُقِيمٌ بِالمَجازَةِ مِن قَنَونا
|
وَأَهلُكَ بِالأُجيفِرِ وَالثِمادِ
|
فَلا تَبعَدن فَكُلُّ فَتى سَيَأتي
|
عَليهِ الموتُ يَطرُقُ أَو يُغادي
|
وَكُلُّ ذَخيرَةٍ لا بُدَّ يَومًا
|
وَلَو بَقيت تَصيرُ إِلى النَفادِ
|
يَعِزُّ عَلَيَّ أَن نَغدو جَميعًا
|
وَتُصبِحَ ثاوِيًا رَهناً بِوادِ
|
فَلو فودِيتَ مِن حَدَثِ المَنايا
|
وَقَيتُكَ بِالطَّريفِ
وَبِالتِلادِ
|
لَقَد أَسمَعتَ لَو
نادَيتَ حيًّا
|
وَلكِن لا حَياةَ لِمَن
تُنادي
|
واقتبس البيت الشاعر عبد الرحمن بن الحكم بن
العاص المتوفى عام 680م في قوله:
لقد أبقى بنو مروان حزنا
|
مبينا عاره لبني سواد
|
أطاف به صبيح في مشيد
|
ونادى دعوة يا بني سعاد
|
لقد أسمعت لو
ناديت حيا
|
ولكن لا حياة لمن
تنادي
|
بينما نقرأ لمهيار
الدليمي قصيدة جاء فيها ذكر عجز البيت فقال :
إذا فُطمتْ قَرارهُ كلِّ وادي
|
فدَرَّتْ باللوى حَلَمُ الغوادي
|
ومرّت تهتدي بالريح فيه
|
مطايا الغيثِ مثقَلةَ الهوادي
|
ففُتَّحت الرُّبا خدّاً وسُدَّت
|
بشكر المزن أفواهُ الوهادِ
|
أناديه وتَنشُدُه المغاني
|
ولكن لا حياةَ لمن
تُنادي
|
وما أرَبِي إلى سُقيا ربوعٍ
|
لها من مقلتي سارٍ وغادي
|
حملتُ يدَ السحاب الجَوْن فيها
|
ولست معوَّداً حملَ الأيادي
|
ولو بكت السماءُ لها وجفني
|
تيقَّنَتِ البخيلَ من الجوادِ
|
كما لم يفت أحمد تقي
الدين أن يذكر جزءً منه في قصيدته حين قال
لا حياةٌ لمن تنادي
وكلّ
|
راقدُ الطرف غارقٌ في سُبات
|
في ربيع الزمان نحن وكلُّ
|
في خريف الفَلاح والخيرات
|
ليس يَحْلَى زهرُ الربيعِ إذا لم
|
تَكنِ النفسُ في ربيعِ الحياة
|
أما الشاعر بشارة بن عبد الرحمن الخاقاني المتوفي
عام 1772م فيقول
كُتّاب قَد حَوَى دُرَر
الْمَعَانِي
|
بِأَلْفَاظ الْمَحَبَّة
وَالْوِدَاد
|
ويَنْشَدْنِي بِه شِعْرِا
أَنِيْقْا
|
يُنَاشِد فِيْه أَمْوَات الْعِبَاد
|
لَقَد أَسْمَعَت لَو نِادَيْت
حَيّا
|
وَلَكِن لَا حَيَاة
لِمَن تُنَادِي
|
صَدَقْت بِأَنَّنِي مَيِّت وَلَكِن
|
كَشَفْت الْحَال مَا بَيْن
الْأَعَادِي
|
أَلَم تَعْلَم بِأَن الْجِسْم
عِنْدِي
|
وَأَن الْرُوْح فِي تِلْك الْبِلاد
|
واستخدم هذا البيت
الشاعر رفاعة الطهطاوي الذي عاش بين عامي 1801 ـ 1873م فقد قال في قصيدته عن مصر:
وكم بُشرتُ أن عزيزَ مصر
|
تفوهَ بالفكاك ولم يفاد
|
وحاشا أن أقولَ مقال غيري
|
وذلك ضد سرّي واعتقادي
|
لقد أسمعتَ لو ناديتَ
حياً
|
ولكن لا حياةَ لمن
تُنادي
|
وفي دار العزازةِ لي عياذٌ
|
يَقيني نشبَ أظفار العوادي
|
ونجد للشبراوي أبياتا
ذكر فيها شطرا من هذا البيت فقال :
يا عاذِلي فيهِم لَقَد
|
أَسمَعت لَو نادَيت حي
|
قُل لي بِأَية سَنَة
|
الحُب عار أَم بِأَيّ
|
أما حفني ناصيف فقال ذاكر شطرا من البيت :
أبَيتَ إلاّ عَوْدها فانتظر
|
ما شئتَ فالميعادُ يوم
المعاد
|
أسمعتَ لو ناديت
حيًّا فلا
|
تطلب لقاها قبل يوم التناد
|
قد انقضى الأمر فلا تكتئب
|
والله يقضي بيننا ما أراد
|
وضمنّه جرمانوس الشمالي
في تخميس له فقال
وَداعي للأحبة وَالأَهالي
|
أَقول الحَق فيهِ وَلا
أُبالي
|
وَأبدي ما بفكري في مَقالي
|
فَلَم أَندَم عَلى ارق الليالي
|
وَلَم أَرقم عَلى نَسف
الرِمالِ
|
|
سمعتُ منَ العذولِ بكل نادِ
|
عَلامَ أنتَ تنفخُ في
رَمادِ
|
تخلَّ فَلا حَياةَ لِمَن تُنادي
|
وَلا تجر السُيول عَلى
الجَمادِ
|
قَد قابلَ الملكَ المَسعودَ
طالُعُه
|
فَحازَ مِنهُ منالاً لاحَ
ساطعُهُ
|
فَجمع الشَمل عادَ مِن المَحالِ
|
شكرا على جهودكم ووفقكم الله لكل خير
ردحذف